السياسة الخارجية الروسية تجاه الأزمة السورية للفترة (2011-2017)
Abstract
تشهد سوريا منذ منتصف مارس 2011م تحديا من اخطر التحديات في تاريخها الحديث والمعاصر، تطوراً مفصلياً بات يتوقف عليه مستقبل توازنات القوى الإقليمية والتحالفات الدولية في المنطقة، فما كان للثورة السورية إلا أن تصبح أزمة إقليمية دولية لولا تداخل عدة أسباب وعوامل محلية وعربية وإقليمية ودولية ساعدت في تحويلها من ثورة شعبية ضد النظام السوري إلى أزمة إقليمية دولية اكثر منها سورية، فعلى المستوى السوري الداخلي تتعلق هذه الأسباب والعوامل بطبيعة النظام السياسي القائم وكذلك تعقيدات البنية الاجتماعية وتكويناتها المتنوعة الأثنية والمذهبية والطائفية التي وضعتها في قلب الصراع المذهبي والطائفي، وعلى المستوى الإقليمي فقد ساعدت الأمور تتعلق بالتحالفات السياسية والتوازنات الأمنية الإقليمية على تحويلها من ثورة شعبية إلى أزمة إقليمية .
أما على المستوى الدولي فقد ساعدت الأمور استراتيجية تتعلق بالمصالح والنفوذ ومستقبل التحالفات السياسية في المنطقة على تحويله إلى أزمة دولية، تمثلت بمدى
قدرة روسيا على تحدي الإرادة الأمريكية، وحماية مصالحها من فرض الهيمنة الأمريكية على الشأن الدولي والإقليمي.
تعد روسيا من الدول الكبرى على الساحة الدولية، فبعد عقدين من زوال الاتحاد السوفيتي لا تزال لاعبا دوليا رئيسيا بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن لها سياستها الخاصة، مستغلة في ذلك ما تملكه من مقومات تاريخية وجغرافية واقتصادية وعسكرية مع تبنيها للرأسمالية واقتصاد السوق كحل امثل لإعادة دورها على صعيد السياسة الدولية، ولم تتوقف إلى هذا الحد بل واصلت سعيها من خلال تطوير دورها والعمل على استعادة مناطق نفوذها التاريخي في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، تدور حول صيانة وحماية وتعزيز مصالحها والحفاظ على حالة التوافق والتفاهم مع بقية القوى الدولية في المنطقة.
ولأن سوريا تمثل آخر مناطق نفوذ روسيا في المنطقة العربية وبحكم موقعها الجيوستراتيجي فالصراع هنا يكمن حول أهمية روسيا في منظومة التحالفات والمصالح الاقتصادية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التكلفة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية التي قد تتكبدها هذه القوى بسبب هذه الأزمة وخيمة وكبيرة إذ خلقت صراعا ودمارا في سوريا مع زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لهذا بات من الضروري القيام بعمل دولي مشترك، لكن الجمود في مجلس الأمن الدولي بسبب استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) لعدة مرات حال دون ذلك، كما قامت روسيا بالتدخل لحل الأزمة السورية لتعزيز مصالحها في المنطقة ولخلق حاجزاً منيعاً أمام النفوذ الأمريكي المتزايد في المنطقة
Copyright (c) 2021 Al-Qalam journal
This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.