صراع الهويات (دراسة تحليلية نقدية)
Abstract
يمثل صراع الهويات من المشكلات المزمنة التي تئنُ منها الدول التي تعاني من انقسام مجتمعي عميق مما عرضَها إلى مخاطر أمنية جمة ومنها جعل انفراط عقد وحدتها الوطنية قاب قوسين أو أدنى، وهذه نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة المتبعة من لدن صُناع القرار في إدارة التنوع الثقافي والاثني في مجتمعاتهم بكل أشكاله وألوانه . ومن أبرز تجليات هذا الصراع هي حالة الصدام ما بين الهويات الفرعية بعضها مع البعض الآخر بمختلف عناوينها (الدينية والاثنية والقبلية والمناطقية) أو النزاع الحاصل ما بين الهوية الوطنية الشاملة من جهة وبين بعض الهويات الفرعية من جهة أخرى، وإن مثل هذا الصراع القديم والجديد منه على حدٍ سواء يُعبّر بشكل واضح وجلي عن أزمة خطيرة تحتاج إلى حلول ومعالجات جذرية تستطيع من إنهاء حالة التقاطع والتجاذب المستمر ما بين مختلف هذه الهويات. ومن أبرز العوامل المؤثرة التي تغذي وتؤجج مثل هذا الصراع يتمثل بالتعصب الذي يرفض التنوع ويحتكر الحق والحقيقة لمن يتبناه، بالإضافة إلى خطاب الكراهية الذي يدق الأسفين ما بين مكونات الشعب الواحد فضلاً عن ممارسة التمييز على المستوى الرسمي والشعبي على حد سواء . ومن الافرازات المترتبة على هذه العوامل مخاطر جمة تتجسد بالاحتراب الداخلي الذي لا يبقي ولا يذر وما يترتب عليه من حالة الانقسام والتجزئة وتفكك عُرى الوحدة الوطنية، وتفشي التخلف التنموي على الصُعد كافة. ومن هذا المنطلق ينبغي اتخاذ مجموعة من الأساليب والوسائل التي تتصدى لهذه المعضلة ومن أبرز هذه الأساليب الفاعلة في هذا الاتجاه و التي تتمثل بتحقيق مبدأ المواطنة المتساوية على أرض الواقع وترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية في عملية صنع القرار الذي يتعلق بحاضر ومستقبل البلاد، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل لا بد من تبني عدة وسائل من أبرزها هو الاعتراف بخصوصية الهويات الفرعية واحترام ثقافتها، فضلاً عن تجريم آفة العنصرية التي تنخر في بناء المجتمع ،علاوة عن تحقيق العدالة الجنائية والاقتصاص من الجناة وتعويض المتضررين وإعطاء كل ذي حق حقه.
Copyright (c) 2022 Al-Qalam journal
This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.