التفويض وأثره في ممارسة الاختصاص الإداري

  • م.م. حسين طلال مال الله جامعة كركوك/كلية القانون والعلوم السياسية

Abstract

لعل أهم ما يميز الوظائف التي تقوم بها الدولة في الوقت الحاضر هو أتساع نطاقها وتنوعها نتيجة لتغير دور الدولة من حارسة إلى متدخلة في الحياة العامة للمجتمع. وقد انعكس هذا على مظهر مهم من مظاهر الفعاليات التي تقوم بها الدولة ألا وهو الوظيفة الإدارية حيث كانت السلطة التي تمارسها الإدارة عبارة عن سلطة محدودة النطاق ومقيدة نتيجة لارتباطها بالوظيفة السياسية للدولة. إما في الوقت الحاضر فان الجهاز الإداري في الدولة قد تفرع وتطور وتنوعت اختصاصات العاملين فيه ليكون قادراً على مواجهة الالتزامات الجديدة، ذلك إن اتساع النشاط الإداري يستدعي بالضرورة نمو الجهاز الإداري من أجل تنفيذ الالتزامات المستجدة وعدم التأخر في إشباع الحاجات العامة. وبذلك فان فكرة التفويض الإداري يمكن إن تكون الطريقة الصحيحة لمواجهة التوسع الذي يحصل في الجهاز الإداري باعتباره وسيلة ناجحة في توزيع الوظائف والاختصاصات الإدارية على أكبر عدد من الموظفين وبذلك فان التفويض يمثل ثمرة تطور الحياة الإدارية فكلما ازدادت هذه الأخيرة توسعاً ازداد التفويض أهمية وذلك من خلال ما يحققه من نتائج فاعلة إذا ما أحسن استغلاله.

إن التفويض هو نظام يتصل اتصالاً وثيقاً بنظرية الاختصاص فهو استثناء من مبدأ الممارسة الشخصية للاختصاص، كما إن بروز نظام التفويض يمثل استجابة للظروف الجديدة التي حتمت ممارسة الاختصاص من غير صاحبه تحقيقاً لمبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واضطراد.

وبذلك فإن التفويض الإداري هو وسيلة لإنجاز المهام الإدارية عن طريق انسياب الاختصاص من سلطة عليا إلى سلطة أخرى أدنى منها في الجهاز الإداري للحفاظ على استمرارية العمل بشكل منتظم. وبناءً على ما تقدم لا يحتاج الباحث إلى كثير من الجهد العقلي للتعرف على المزايا التي يزخر بها نظام التفويض الإداري للاختصاص0

ومن الملاحظ إن أهمية التفويض في النظام الإداري لا تأتي من كونه وسيلة لانجاز الإعمال إدارية فقط بل يعد أيضاً وسيلة مهمة في تحسين كفاءة العمل وهو وسيلة لتدريب المرؤوسين من خلال تنمية عنصر الابتكار لديهم ويعطيهم الثقة بأنفسهم بالإضافة  إلى تنسيق الجهود الجماعية من اجل تحقيق غرض مشترك كما يؤدي إلى تحقيق أهداف أللامركزية الإدارية ومحاربة التركيز الإداري الذي يؤدي إلى التسلط والسلبية في العمل الإداري وتعطيل قدرات المرؤوسين.

وبناء على ذلك يمكن القول بأنه كلما ازداد ارتباط إيمان إفراد مجتمع ما بجدوى الأفكار الديمقراطية كقبول المشاركة في السلطة وقبول الرأي والرأي الأخر ازدادت المنافع والفوائد  المترتبة على التفويض الإداري. إما في مجتمع غارق في الدكتاتورية واحتكار السلطة فان التفويض يصبح جثة هامدة لا نفع فيها ولا خير بل قد يؤدي استعماله إلى حصول انتكاسة في العمل الإداري ويصبح وسيلة لتهرب المسؤولين من أعمالهم التي يجب عليهم القيام بها بمقتضى القانون. في حين أن التفويض ليس عملية هروب او تخلص من الإعمال او المهام الإدارية بل هو حالة اقتضتها الضرورة نتيجة تطور الوظائف العامة للدولة طبقاً لمذهب التدخل .

Published
2020-09-04